1-
لقد كثر الحديث في السنين الأخيرة, وخصوصا عند اقتراب موعد الانتخابات سواء منها الجماعية آو التشريعية أو المهنية, عن وجود برنامج وصفقة عامة لتعبيد الطريق الرابطة بين قصر المصلى باسول وقصور المو – اسرير – اغرم –تستفين باكوراي التي تتحول عند هطول الأمطار أو الثلوج إلى حفر لا تصلح إلا لدفن الأحياء أما الأموات فقصة وحديث آخر.
ولحساسية الموضوع, فان المواطنين بالمنطقة, يتهافتون على صناديق الاقتراع التي لم تنتج لهم سوى خيبات الأمل الواحدة تلو الأخرى: غياب البنية التحتية, إشكالية التدريس, التلاعب بمواد التغذية والألبسة والافرشة بكل من الداخلية ودار الطالب, الفقر المدقع في حين اغتنى البعض من المأساة ومن تسويقها.
إلا أن استغفال السكان لا يمكن أن يتم ويستمر إلى الأبد, وتجار المأساة في المنطقة سيدركون أن طاقة الإنسان لتجاوز ظروف القهر كبيرة جدا ولا تنضب, فدروس مقاطعة الانتخابات غير خافية على أحد وليست بعيدة على المنطقة, ومسيرات سكان املشيل والمناطق المجاورة ونساء أسول, رأتها الأعين قبل ان تسمع بها الآذان.
وكإجراء أولى- ومن اجل إحقاق حق عادل, قيل ويقال إن الدراسات الخاصة به أجريت والميزانية رصدت في حين نؤكد نحن أن التنفيذ لم يتم- قام مجموعة من السكان المتضررين من هذا الواقع وكدا المتضامنين معهم بتوقيع عريضة جاء فيها:
>>في عز خطاب المبادرات والأوراش الكبرى, التنمية القروية والتنمية المستدامة, يأبى المسؤولون بإقليم الرشيدية إلا أن يستمروا في حرماننا من ابسط شروط الحياة.
وعليه, نطالب نحن الموقعون أسفله, برفع الحيف والعزلة المفروضة على اكثر من 700 عائلة تقطن ب قصور: أسول- المو – اسرير – اغرم – و تستفين, وذلك عبر تعبيد الطريق الرابطة بين هذه القصور على مسافة لا تتعدى ست (6) كلمترات<<.
2-
تصاعدت النداءات عبر جميع الأبواق الرسمية وغير الرسمية, فالتلفزات والراديوهات بجميع قنواتها المدفوعة تكاليفها من أموال الشعب وجيوب المواطنين التي أتى عليها غلاء المعيشة وغياب العمل كما تأتي النار على الحطب, وجل الأحزاب انساقت وراءها كما يتبع العبد سيده, لتقول لنا وبصوت مرتفع وصل حد صداع الرأس ولا يعرف الخجل رغم الدمار الذي خلفه في حياة المواطنين قبل نفوسهم:
"بتسجيلكم وتصويتكم ستنتخبون من يعبد طرقكم وينظف أحياءكم ويزودكم بالماء والكهرباء والتين والزيتون" ...لكن بعد طول سنين.
سكان قصر المصلى باسول, وسكان قصر اكوراي بكل من المو- اسرير- اغرم وتستفين... -هؤلاء المجاهدون في التسجيل والتصويت, والمقبلون عليهما إلى حد الحرب المعلنة بين المتنافسين كما يقبل التلميذ على نيل دبلوم البكالوريا, والطالب على نيل اجازته, والمعطل على نيل وظيفته, والموظف على نيل راتب آخر الشهر, والعامل على عمل, والفلاح على جني محصوله...- لم يروا شيئا, وعود ثم وعود, وتنقلب الساعة: المعارض مكان المسير القديم ومرة أخرى وعود ثم وعود, وتدور الساعة ويحل المتحفظ مكان المعارض والمسير القديم ليجدوا نفس السمفونية وكلها وعود على وعود.
ونحن من موقعنا نتساءل: ماذا يطلب هؤلاء الناس ولم كل هذا التجاهل؟.
1- هل يريدون الحكم الذاتي؟ طبعا لا, فهم لا يعرفون حتى معناه وما بالك بالتفكير فيه.
2- هل يريدون إسقاط نظام الحكم؟ أظن ان القليل منهم يعرفه وما بالك بالتفكير في إسقاطه
3- هل يطلبون مطارا وطنيا أو دوليا؟ لا بالطبع, فهم لا يعرفون التمييز بين طائرة مدنية وعسكرية وهيليكوبتير. ومن سخريات سياسة التجهيل التي مورست عليهم ان وقع جدال بين بعض من رأوا طائرة تحلق في السماء, فنطق احدهم مدعيا بأنها طائرة ملكية, وعلى الفور أجابه احد العارفين بأمور الدين والدنيا انه لو كانت ملكية لكانت بجوارها دراجات الدرك الملكي..
4- هل يريدون الجهاد؟ حتما لا, فجهادهم الوحيد يمارسونه ضد الطبيعة التي ما ان يرفعوا حجرة واحدة عن أراضيهم حتى تأتيهم عشرة أخرى, وهكذا دواليك.
5- هل يريدون امتلاك الدنيا؟ قطعا لا, فكل أعينهم على فدان (فدان مغربي) من بضعة أمتار غير مربعة, ان روي وأعطى منتوجا جيدا حتى ترى وجوههم مبشورة واقبلوا على أبنائهم وزوجاتهم بكيلو لحم للاحتفال بالعام الجيد إقبال عنترة على خصومه.
6- هل يريدون الآخرة؟ هذه كل أمنيتهم, لكن قساوة الظروف وشراسة الانسان وضيق الأفق بين تلك الجبال الجبارة منحتهم معنى آخر للآخرة.
الآخرة بالنسبة لهؤلاء مدرسة مفتوحة في وجه الجميع, حذاء لكل واحد, أساتذة يقومون بواجبهم الدراسي, خمسون درهما كل أسبوع لاقتناء ضرورات المطبخ وجلسات الشاي, طريق معبدة تترك وجوههم ناصعة نصاعة الثلج الذي يتزحلق فوقه البعض ويدفن تحته أبناؤنا وهم أحياء.
هذه هي الآخرة بالنسبة لهم. فهل تحرموهم جزاء الآخرة بعد حرمانهم من لذات الدنيا؟
كل هؤلاء, يقولون لكم وبصوت مرتفع جدا إلى درجة الصراخ والعويل: لقد اقبلنا على سجلاتكم, وصناديق اقتراعكم, وصوتنا, وتلقينا الضربات الواحدة تلو الأخرى.
يؤكدون لكم أنهم شاركوا وبكل فخر واعتزاز في معركة بادو الخالدة, واعتقلوا واستشهدوا وواجهوا المستعمر الغاشم دون انتظار اعتراف او هدية احد, وركبوا الشاحنات المشاركة في مسيرة الصحراء. رأوا كل شيء بأعينهم لدى الآخرين, فلم تحرمونهم من قطعة زفت؟؟؟؟
3-
بعد العديد من الحملات التحسيسية بالواقع المرير الذي تعاني منه قرية اكوراي وساكنتها. واقع تكشف عنه جميع مناحي الحياة من طريق غير معبدة كلها حفر, مستوصف بدون ممرض, أزقة بدون ضوء, مكان للعب كرة القدم بدون تجهيزات, فدادين بدون سواقي ولا ممرات, مدارس بدون تجهيز ولا مدرسين, سنة دراسية تنطلق خلال شهر أكتوبر لتنتهي في بداية شهر ماي في اقصر سنة دراسية في العالم......
هذا هو واقع الحال الذي تم بشأنه مراسلة جميع المسؤولين المحليين منهم والإقليميين للتدخل العاجل وفك العزلة والتهميش المضروبان على المنطقة.
وقد استمر الحال لسنوات عديدة, تخللتها وقفات احتجاجية للساكنة للتنديد بهذا المعاش اليومي العنيد, لكن كل هذا لم يزد المسؤولين الا عنادا.
وما كان من مناضلي المنطقة وخصوصا اليساريين منهم الملتحمين بقضايا ومشاكل السكان إلا الوقوف في وجه هذا الظلم والعناد عبر برمجة نضالات بطولية بدأت أولى صورها بوقفات دورية أمام مقر قيادة أسول
https://www.youtube.com/watch?v=wXXwQxVuyA4
في أفق تطويرها والقيام بمسيرات سواء إلى الرشيدية- تنغير أو الرباط إن اقتضى الحال ذلك, مادام المسؤولون الجدد/القدامى لا يهمهم سوى مصالحهم الخاصة بعيدا عن هموم السكان.
وتجدر الإشارة إلا أن رئيس الجماعة المنتمي لحزب التغيير على الطريقة المغربية (الأصالة والمعاصرة) , سبق له أن ترأس نفس الجماعة في ولاية سابقة تحت لون حزب آخر, لم يجن منها الناس سوى الويلات تلو الأخرى, شأنه في ذلك شأن من سبقه ومن جاء من بعده, لتبقى الساكنة بعيدة كل البعد عن البرامج الخاصة للمسؤولين.
إن مشاكل ساكنة اكوراي هي ابسط ما يكون ولا تحتاج إلى كل هاته الطاقة التي يتم إهدارها ولا إلى المناورات التي لا جدوى منها, ولا إلى سياسة الهروب إلى الأمام, وانما إلى إرادة المسؤولين المكلفين بالشان العام محليا, جهويا ووطنيا, الذين عليهم ولو لمرة واحدة في تاريخ المنطقة العريقة بتاريخها النضالي ضد المستعمر الفرنسي الغاشم خصوصا بواقعة بادو الشهيرة, البائسة بواقعها الحالي الذي هو أشبه بواقع أهل الكهف.
فهل من ضمير حي!!!
[i]