تشكل قبيلة أكوراي وحدة بشرية "متجانسة"في إطار قصر له امتدادات خارجية موزعة في ثلاث أنوية ،و مع ذلك يظل هذا القصر وفيا للعلاقات التقليدية المبنية على رابطة القرابة أو كما يقول عبد الرحمان بن خلدون:"... الولاء و الحلف إذ نعرة كل أحد على أهل ولائه و حلفه للألفة التي تلحق النفس من اهتضام جارها أو قريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب ؛ و ذلك لأجل اللحمة الحاصلة من الولاء". و بهذا المعنى فالنسب أمر وهمي لا حقيقة له، ونفعه في الوصلة و الالتحام. و منه يحرص كل مكون من المكونات البيولوجية للقبيلة أو ما يعرف بالعظم على إظهار الروابط خدمة للهدف الأسمى المذكور.
تظل حياة الخشونة أكثر تعبيرا عن اللحمة الموجودة بين أفراد العظم الواحد، لأن هذا النمط يستمد استمراريته من التعبير المعلن عن امتداد رابطة الدم بين كافة أفراده. و عليه يبدو أن أكبر عظم لم يحترم هذه القاعدة؛ فمن المفروض أن يعبر بجلاء عن التماسك نظرا لقاعدته الكبيرة. و طالما يحدث العكس، يجب البحث عن علل أخرى قد تدفعنا للغوص في نوع الرابطة ،طالما أن تاريخ الائتلاف القبلي لا يقتصر على رابطة الدم أو النسب ، إنما يشمل كذلك كل ما يضمن للفرد أو الجماعة حق الاستمرارية و الحياة، بل و السيادة على الآخرين في بعض الأحوال؛ كإعلان الانضمام إلى جماعة بشرية(عظم) بتقديم ذبيحة أو تعاقدات الود و السلام من خلال ميثاقي "تفركانت" أي الممنوع و المحظور وتتم بتجمع القبائل أو الفخذات المعنية و إحضار مرضعاتهم عادة 100مرضعة في كل فريق ثم يتبادلن أطفالهن لترضع كل واحدة منهن رضيع المرأة الأخرى أو "تاضا"يتم الميثاق بتجمع أفراد من عظمين أو قبيلتين مختلفتين، فيتم جمع نعالهم فرادى؛ أي واحدة لكل شخص، ثم يتم خلطها و تسحب اثنتان فاثنتان... و كل يأخذ نعله و يقابل صاحب النعل الآخر، فيؤديان قسم الأخوة الذي يمتد منهما إلى أفراد تجمعهما الخاص و في الأخير يتم تبادل البرانس بين الأعيان البارزين،و إذا خان أحدهما الميثاق يلطخ سلهامه(البرنس) بالحناء و يطوف به أفراد الفريق الآخر في كل مكان). قد يبدو هذا بعيدا عن الواقع المعاش و لا يتصوره الجيل الحالي لكن هذه حقيقة لا مناص منها. فمن خلال مقابلة رجل مسن، أعتبره جديرا بأن تجرى له مقابلات مكثفة تطرح خلالها الأسئلة عليه، تبين أن هذه المواثيق حاضرة في تاريخ المنطقة، و أن فخذة داخل العظم المذكور يربطها ميثاق تاضا مع عائلة بتولوين. و في هذا السياق تفيدنا الرواية الشفوية في تحديد الروابط بين مكونات هذا العظم؛ إذ لا يتردد معظم المسنين في نعته بنعوت تعبر عن تعدد مكوناته من جهة ،و اختلاف أصولهم من جهة أخرى . بهذا المعنى يتضمن هذا العظم فخذات يربطها الدم قد تنعت بالمتجدرة، و أخرى وافدة منصهرة في إطار وحدة اللف بتقديم ذبيحة، ويضيف العبد الفقير في الفصل العاشر من مقدمته في اختلاط الأنساب كيف يقع"... أن بعضا من أهل الأنساب يسقط إلى أهل نسب آخر بقرابة إليهم أو حلف أو ولاء أو لفرار من قومه بجناية أصابها". بهذا التأويل نحن أمام وحدة مزيفة أقرب إلى البعد الغرائزي منه إلى الدم؛ حيث غريزة البقاء أولى من أي شيء ، وربما ذا يجعل الشقاق حقيقة لا مناص منها، لا سيما عندما يغيب الخطر الخارجي من حيث كون هذا الأخير أصل الألفة في هذه الحالة.
إذا افترضنا عدم وجود حقيقة تاريخية في هذا الموضوع ما السبيل لإقناع هؤلاء على هضم الحقيقة التي لا مندوحة منها و التي تثبت نسبا موحدا مزيفا على الأقل لكل سكان القبيلة؟ .... يتبع
عدل سابقا من قبل drissgeographe في 1/1/2010, 10:19 am عدل 1 مرات