منتدى أكوراي(دائرة أسول)

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته. مرحبا بك في منتدى أكوراي

علبة الدردشة، الروابط و الصور لن تظهر لغير المسجلين

للاستفادة منها،قم بتسجيل نفسك و مرحبا بمشاركاتك

لتأكيد تسجيلك، ستتوصل برسالة في بريدك الالكتروني وستجدها في courrier indesirable

تحياتي

منتدى أكوراي(دائرة أسول)

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


رقعَـــة طَـريـــــــــــٍق Percent_0

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 869 مساهمة في هذا المنتدى في 576 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 205 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو KHAYAT MOHAMMED فمرحباً به.

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 3 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 3 زائر

لا أحد


[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 44 بتاريخ 4/3/2024, 12:23 am


    رقعَـــة طَـريـــــــــــٍق

    avatar
    محمد


    عدد المساهمات : 5
    نقاط : 21
    تاريخ التسجيل : 03/10/2013

    رقعَـــة طَـريـــــــــــٍق Empty رقعَـــة طَـريـــــــــــٍق

    مُساهمة من طرف محمد 29/10/2013, 2:15 pm

    إضــــــــــاءة: هذه قصة خيالية تعالج هوس الطريق المعلوم، وتحكي عن شخصية الحاج مـــــوحْ، رجل البلدة الوقور، الذي أتعبته أساليب المماطلة ونكوص الشباب، فقرر ذات يوم أن يناضل بكيفيته التقليدية، دفاعا عن أحقية الطريق في الوجود، بل انه دفع من أجله ما يملكه : وقته وجهده وحماره كذلك. وهي قصة تحاول ملامسة جوانب الهم والضنك وكل أشكال الأرق التي يحملها بعض أهل البلدة لهذه الرقعة الصغيرة من الطريق.

    رقعَـــة طَـريـــــــــــٍق

    انتصف النهار واستوت شمس السماء بالأرض، نظر«الحَاج مُوحْ» إلى الأفق الذي يراقب من خلاله أحد أعوان الشيخ أديم الحقول المربعة أمامه. ففي مثل هذا الوقت من كل سنة، كان يرحل نحو منطقة «أزَغارْ»، يستجمع عائلته ويلملم أغراضه ويغيب عن البلدة مدة الحصاد والدرس.

    تحرك من مكانه وهو يسوق بالجهد حماره، فكر في مسافة الطريق التي سيقطعها وصولا إلى «أسول»، خاصة بعدما غمرت مياه الوحل التي لفظتها غضبة الوادي في الليلة الماضية جزءا من طريق« أسْفَالُو».انه شيخ هرم، غادره جميع أبنائه وتشعبوا بين مدن مختلفة بلعنهم كطعمات صغيرة، لم يعد بين يديه إلا زوجة ابنه الأصغر، الذي تعثر في القسم الثاني أيام الجفاف، فطلق المدرسة للأبد. إنها فاطمة، هي عينه وعكازه و«أقْرَابُه» كذلك، منحها كل ما يملكه من ثقة، فأصبحت بمنزلة الابنة المدللة″زهرة″، تلك الفتاة الخجولة التي نسيها قطار الزواج بعدما رفضت عروض تذاكر كثيرة.

    داخل «شْوَاري» الحمار توجد أغراض فلاحية بسيطة، وحزمة تحوي الطحين والسكر وقليلا من التمر، إن في نيته الاعتصام هناك حتى تحقيق مطالبه. وان أخفى على فاطمة التي يحلو له تسميتها «بفطومة»، كل ما يجول في ذهنه من أفكار خطيرة حول ما ينوي فعله، فانه في المقابل قد أخبر صديقه الحميم« سي أحمد» بما يزعم فعله، وأنه مصر على ذلك وحده، بعد أن خذله أبناء الدوار في مرات عديدة.

    تحرك به الحمار وئيدا وهو يقطب جبهته الملتوية بفعل عوادي الزمن، اجتاز« اوْديم» ألمو فأصبحت عيناه البراقتان اللتان مازالتا تحتفظان ببعض حروف جمال بائد، تقابلان مباشرة فراغ « ارزَانْ»، أحس بأنه قوي وبإمكانه أن يهزم قطعة طريق صغيرة خانتها أيادي الإصلاح، فامتلأ وجهها ندوبا وبثورا حتى غاب عنها البريق. وإذ هو يتابع تحديه الداخلي، التقى بالسيدة ″زينو″، وهي مُولية وجهها شطر الدور بعد محنة طويلة بين شعاب الحقول، مدة امتدت طيلة الصباح، وقبل أن يبادرها بالتحية، استشعر مسام جسده تنبض برسيس لذيـــــذ ودقات قلبه ترتعد، إنها حبه القديم أيام شبابه حينما كانا بوابا غليظا بسجن « َتارَايُورْ» بأسول إبان حكم المستعمر. سألته عن عدم مرافقته بفطومة، فأجابها دون تلعثم : إنني مسافر ولا حاجة لي بعضد أحد.

    هو نفسه الحاج أيام عودته من الكعبة، لم يتغير ولم يتبدل، يدك الأرض دكا ويجعل كلامه دائما في العَلياء، شيخٌ هرمٌ يحرص أشد الحرص على استواء « الشَاشْ» فوق رأسه الأفطس، انه بالنسبة له رمز للرجولة والرفعة ، وأحيانا يذهب به خياله إلى انه يشبه عرف الديكة وغرورهم. خطفت إليه نظرة بيضاء وهي تحاول تنبيهه إلى خطورة الطريق في «أسْفالوُ». لم يمهلها حتى تتم ،فانقض على تلابيب كلامها وهو يؤكد بنوع من الغرور الظاهر قدرته على تجاوز المسار حتى ولو كلفه الأمر الاستعانة بلحيته، فطأطأت « زينو» رأسها خجلا ثم تحرك الحمار بدون سماعه كلمة « الرَا»، معلنا نهاية كلام الغزل.

    تقدم به الطريق وهو ينظر بغيرة شديدة نحو الحقول المحاذية لمجرى النهر، حيث سيقان الذرة ساجدة بخضوع ، وقد اغتصبتها السيول الجارفة أمس. دار في ذهنه مصير حقله الصغير ب«ابْطيعَنْ»، لا شك انه أيضا قد سفكت حرمته وانبطحت سيقانه، لم يعر للأمر أهمية كبرى، فطيلة حياته يخدم الأرض ولا تمنحه غير النزر القليل من الخير وأكوام كثيرة من المتاعب والهموم. تعجب في ما قاله «سي أحمد» ذات مرة، من أن فلاحي الغرب يملكون هكتارات كبيرة جدا جدا من الأراضي ،فخجل من قطعته الفلاحية الصغيرة، ومزج إحساسه هذا بوكزة قوية للحمار أسفل خاصرته، وهو يسوي عمامته الصفراء.

    وصل إلى «ابطيعنْ»، فألقى بصره نحو المربع الذي بدا له كرأس ممشوط بعد وجبة حناء، انه غضب البارحة، مسح الحاج على وجهه وقال بأنين خــافت:«أدخْلَفْ رَبي»، ثم تحرك مشمرا على تجاوز الطريق. لم يدم الحال طويلا حتى وصل إلى « أسْفالو»، المسار ينتهي عند هذا الحد، أطنان من الطمي وبرك الماء وبقايا فضلات النهر، كل شيء يكتسي طلاء الغدر والهوان. امتلأ المشهد قتامة أمام الشيخ المناضل، وأصر رغم ذلك على الوصول إلى مقر الاعتصام، أليس لأجل هذا الطريق قرر ما قرر؟؟؟ كلا، إن عليه أن يتابع رغم كل الحواجز والعثرات.

    استغرق في عبوره مدة غير هينة، ثم عبر. خرج إلى الجهة الأخرى مبعثرا ومطليا بلون أحمر داكن، وقد غاب اتزان العمامة وتبدلت ملامحها، أما احد خفيه فقد سبح في جوف الأرض عميقا، وحمارُه الذي هو جزء من كيانه فقد زلت به حافة المشور، فابتلعته إحدى الحفر بالكامل...

    أخذ يتمايل في مشيته وهو يمسح ما علق به من أردان المصيبة، ويشتم كل من تزوج بالصمت , وآثر هذا الظلم الطافح الذي تتجرع البلدة ويلاته كل يوم.
    بقايا ماء الفيض تلمع بالحقول وتعكس صورة السماء الحابلة بسحب بيضاء ناصعة، يزيدها نور الشمس لمعانا وبريقا، اليوم يوم سبت، الحركة في هذا المدار محتشمة، فرغم وجود أعداد من أبناء الجالية الذين يلجون البلدة كل مصيف، إلا أن الطريق المنتهك فارغ تماما من المارة،. الحاج موح وحده من يخط ظهر «بوُدي» مرتجفا من شدة تعصبه، تمنى أن يصل أمامها بهذا الغيض والضيق، فسيفجرها غضبا ويدمر مكاتبها وقيادها وكل من يراه قريبا من المسؤولية. كل موظفي الإدارة عند « الحاج مُوح» خونة ولصوص. ينظر إليهم بنفس القزحية، لقد شربوا من مَغرف واحد، ومن لم يكن كذلك فهو على الأقل مستعد لفعله.

    اشتدت أنفاسه وعلا زفيره وشهيقه وهو يكاد يصل أسول، ولشدة انهماكه في حوار داخلي صاخب، لم يرد على سلام «سي حْمُو» الذي دعاه إلى وجبة غذاء متأخرة. تسلق العقبة المضنية« تَلاَتْ» أسُول بجهد مضاعف، فلفضته مباشرة إلى جوف «القْشْلاَ»، حيث دار المخزن. ثبت عقدة سرواله المترهل بإمعان ومضمض في فمه كلمات غير مفهومة، ثم دخل عند « القَايْد»، انه بالنسبة للإنسان البسيط كالحاج موح هو كل شيء: المالك والناهي والآمر والمغتصب ومانح العطاء وممسكه، تفكيره الساذج دائما يفضي به إلى هذا الفهم. لم يستقبله أحد ولم ينبس له البواب بكلمة، فمن يتمعن في ملامح وجهه وعينيه اللتين تتشظيان غضبا، يدرك أن الصمت أفضل من الكلام ببليون مرة. دار ببطن القيادة الخاوية على عروشها أكثر من مرة، ثم ضَجر وسأل البواب : أين ذهب المخزن؟؟؟؟؟؟ رد عليه بلين البواب : لقد سافر ولم يعد حتى بعد غد.
    تزلزلت الأرض تحت المناضل الجسور، دون منح نفسه مهلة للتفكير ، قرر مواصلة المشوار إلى مكان أكثر ارتفاعا، إن أسماله المطلية بطين « أسْفالو» لم تجف تجمدا بعد، وفي كل مرة يرمق إليها تزداد حدة نبضات قلبه ويهيج بصخب. فكر قليلا وهو يخرج من القيادة في أبناء قبيلته وعن آمالهم الوردية وواقعهم الذي يعاني مرضا عضالا، وكيف أن رقعة صغيرة دمرت حياته وأصابته بلعنة السماء وأذهبت بعضُده «السي الحمار» وبكل ما يملكه من نفس الغيرة على البلدة وشرفها.

    تناسلت برأسه آلاف الأفكار والأسئلة، ولم يستطع أن يغرم بأحد منها، بل زف نفسه إلى أول حافلة نقل تولي قبلها نحو طريق استرجاع الطريق الضائع.

    أزغــــار فــــي: 17 مـــاي 2012.

      الوقت/التاريخ الآن هو 26/4/2024, 10:31 pm